يشكل العمل التطوعي في المجتمعات الشرقية نسبة ضيئلة مقارنة
بالمجتمعات الغربية التي تكثر فيها من مثل تلك الأنشطة.
وإذا ما بحثنا عن اتساع الفجوة التي تفصلنا عنهم لأدركنا حقيقة
أن العمل التطوعي يمر بمرحلة ماقبل النضج ويعاني من
مفاهيم مغلوطة ترسّخت في أذهان العديد من الأفراد حيث تنحصر على فئات
معينة من المجتمع كالحكومات والأغنياء والمؤسسات الخيرية فحسب ،
وعليه فإن المسؤولية مُوكلة إليهم وعليهم!
وللأسف فقد ارتبط العمل -في مفهومنا- ارتباطا وثيقا بالعائد المادي والمقابل
الذي ننتظره نهاية كل شهر!؟
وقد تجد العديد من الشباب و الفتيات يسبحون في عالم من الفراغ لاحصر له
ولم يفكر أحدهم بمنح ولو جزءً يسيرا من وقته للالتحاق بأحد المؤسسات ،
ولايشترط أن تكون المؤسسات دينية أو خيرية فهناك المؤسسات الوطنية
وهناك مشاريع ضخمة تتنوع مابين مشاريع دينية و ثقافية و علمية هي
بحاجة ماسة لكوادر تعينهم لإنجاز مشاريعهم .
ومن هنا يأتي دور المثقفين والكُتّاب وبقية المفكرين لممارسة مهامهم
في توعية المجتمع وتصحيح بعض المفاهيم المبهمة والمتداولة بين العامة..
ولقد حثّنا ديننا الحنيف و أشار القرآن الكريم في مواضع عدّة لأهميّة العمل
التطوعي كقوله –تعالى-:
(وتعاونوا على البر والتقوى) وهذا على إطلاقه
وقد أشار المصطفى-عليه الصلاة والسلام- إلى هذا المعنى في الحديث
الشريف:
[لأن تغدو مع أخيك فتقضي له حاجته خير من أن تصلي في مسجدي هذا مائة ركعة]
ولو تأملنا هذا الحديث لأدركنا مدى حرص الإسلام على الأعمال التي تخدم
المجتمع وتوفّر له سبل الحياة الكريمة والتكافل الإجتماعي ،وقال في حديث آخر:
[إن لله عبادا اختصهم لقضاء حوائج الناس وحببهم للخير وحبب الخير إليهم أولئك الناجون من عذاب يوم القيامة].
نفهم مما سبق أن للعمل التطوعي أهدافا تبدو في غاية الأهمية
كنوع من أنواع تنمية المجتمع فهي تكفل الرخاء ورغد العيش لبعض الفئات
كالأيتام والأرامل والفقراء وتقوم بدور المُكمّل الحقيقي للحكومة
لأنها تصل إلى أصناف مهمّشة أو غير قادرة على تدبير أمورها بنفسها
وتتلمس احتياجاتها كما أن العمل التطوعي سبب رئيسي في إشاعة الأمن
وتقوية الأواصر بين كافة شرائح المجتمع هذا إلى جانب
بركة الوقت الذي سيجنيه المتطوع من وراء عمله وسيغمره شعور
بالرضا والارتياح إزاء مايقدمه من خدمة جليلة لمجتمعه ووطنه.
قرأت في أحد الصحف المحلية أن الموظفين في الدول الغربية اتجهوا للعمل
التطوعي بعد أن سُرِّحوا من وظائفهم بسبب الخسائر التي لحقت بشركاتهم
في ظل الأزمة العالمية فأصبحوا يمضغون فراغاتهم في اللاشيء!؟
لم ينتظروا من حكوماتهم أن تصرف لهم مرتبا شهريا كونهم مواطنين صالحين ،
ولم يتسكعوا في الأسواق لقضاء بقية يومهم بحجة الفراغ القاتل
بل انخرطوا في العمل التطوعي وراحوا يقضون أغلب أوقاتهم في دور العجزة
يشاركونهم يومهم ويضفون جوّ المرح كما لو كانوا أبناءهم ،واتجهت مجموعة
أخرى من المحامين والمحاسبين بتقديم خدماتها لذوي الدخل المحدود مجانا
واعتزم بعضهم أن يخصص جزءا يسيرا من وقته للعمل الإنساني في حال
عثروا على وظائف بديلة.
وفي الختام:
وبعد أن التحقت في النشاطات التطوعية لا تقف عند هذا الحد ،
بل امضِ إلى حيث تجد نفسك فيه واعلم جيدا أنك ستواجه
صعوبات ستقف في طريقك كأولئك السلبيين الذي يطلقون
سهامهم السوداء تجاهك..لا تأبه بهم ولاتُعرهم اهتمامك فقد
ارتفع فيها حظّ النفس وَولّـيْت الصخب الدنيوي خلف ظهرك..
وليكن لسان حالك
[ لانريد منكم جزاءً ولاشكورا]
وتذكر بأن:
المجتمع بحاجة إليك
الوطن بحاجة إليك
الأمة بحاجة إليك
،,
لبناء جيل شبابي متطوع
حفّز كل من حولك
انشر ثقافة التطوع والعمل الإيجابي
انهض بأمتك ولاتتردد
،’
من كانت له تجربة في العمل التطوعي فليتحفنا بها مشكورا مأجورا ، حتى نقرأ ولعل البقية تُقدم على ما أقدمتم عليه